responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح الطحاوية = إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل المؤلف : آل الشيخ، صالح    الجزء : 1  صفحة : 314
[المسألة الثالثة] :
الأنبياء يُعْطِيهُم الله - عز وجل - آيات، فنُؤْمِنْ بالأنبياء ونؤمن بآيات الأنبياء.
وهذه الآيات كما جاء في الحديث الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال «ما بعث الله من نبي إلا وأعطاه من الآيات ما على مثله آمن البشر» [1] .
فما يؤتيه الله - عز وجل - المرسلين أو الأنبياء للدِّلالة على صدقهم في دعوى الرسالة أو دعوى النبوة، هذه تسمّى آيات وتسمّى براهين في الكتاب والسنة.
وأما تَسْمِيَتُهَا معجزات فهذا لفظٌ حادثٌ بعد ظهور علم الكلام وخاصَّةً من جهة المعتزلة.
ولا نمتنع من إطلاقه؛ لكن يُقَيَّدُ بتقييده الشرعي الصحيح؛ لأنها هي معجزات لكنها آيات وبراهين والفرق بينهما:
- أولاً: أنَّ الآية والبرهان جاء الدليل بها، والمعجز لم يأت الدليل به.
- ثانياً: أنَّ اللفظ (معجزة) فيها إجمال؛ ووجه الإجمال يقال معجزة لمن؟
هل هي معجزة للإنسان؟
معجزة للقوم الذين بُعِثَ فيهم النبي، أو معجزة للناس أجمعين؟
أو معجزة للجني والإنس؟
أو معجزة للجن والإنس والملائكة؟
فهذه فيها إجمال ولذلك ما جاء بها الدليل.
ومن أطلقها اختلفوا فيها، هذا الإعجاز، هل هو إعجاز للناس أو إعجاز لأهل زمانهم دون غيرهم؟
والصحيح عند أهل السنة والجماعة أو الصحيح في قول أكثر أهل السنة والجماعة أنّ المعجزة هي ما صار الإعجاز به للجن والإنس جميعاً لا لطائفة منهم، فهي معجزة للجن والإنس جميعاً لا يستطيعون أن يأتوا بمثل ذلك.
ودلّ على هذا قول الله - عز وجل - {قُلْ لَئِنْ اجْتَمَعَتْ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} [الإسراء:88] .
وتسميتها آية وبرهان، هي آية يعني دليل واضح يُلزِمْ بنتيجته وهو قبول دعوى من كانت معه هذه الآية، وبُرهان وهو الدليل الواضح الجلي الذي هو كضوء الشمس في وضوحه ونصاعته وجلائه مما لا يُجَادَلُ فيه.
وهذا هو الذي جاء في القرآن بتسميتها آيات وبراهين {فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ} [النمل:12] ، وقال - عز وجل - أيضا {فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ} [القصص:12] ، وقال - عز وجل - {وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى (22) لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى} [طه:22-23] ونحو ذلك.
فهي إذاً في القرآن والسنة مُسَمَاة آيات وبراهين، وهذه التسمية شرعية، ولا يَرِدُ عليها ما يَرِدُ على لفظ المُعْجِزْ مما ذكرناه لك.
الآيات والبراهين تختلف، فهي معجزات وهي تختلف، وثَمَّ بحث طويل فيها ربما يأتي في موضع آخر.

[1] سبق ذكره (311)
اسم الکتاب : شرح الطحاوية = إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل المؤلف : آل الشيخ، صالح    الجزء : 1  صفحة : 314
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست